تعتبر الأمراض النفسية من الأمراض الأكثر شيوعا في العالم، فالمكونات النفسية و الشخصية و حتى الذهنية تكون هشة في مرحلة الطفولة، لذا فإن أبسط خطأ في التربية يمكن أن يخلق مأساة و معاناة نفسية لدى الطفل، لهذا فان الاهتمام بالحالة النفسية للطفل ليست بالرفاهية أو التباهي بل أصبح ضرورة ملحة.
إن الأمراض النفسية هي الخطر الأكبر الذي يهدد الأطفال بشكل خاص، نظرا لما وصل إليه العالم من تحضر، فقد أصبح الأبوين مرغمين في المشاركة بنسبة قليلة فقط في تربية أطفالهم، وتركت الحمل على باقي المتدخلين التربويين(المدرسة-أفراد من العائلة الممتدة)، والذين هم بدورهم لا يستعطون ابعاد الذاتية في التدخل التربوي، لذا لا مبالغة إذا ما اعتبرنا الحفاظ على الصحة النفسية للطفل بمثابة الحفاظ على حياته .
فالمرض النفسي يرهق و يهزم البالغين و يجعلهم غير قادرين على العيش السليم فكيف للطفل وهو في مرحلة التكوين النفسي و الشخصي و الذهني و قد يصاب بالمرض النفسي وهولا يدرك ما يمر به، و يصعب عليه التمييز بين ما هو طبيعي و غير طبيعي ، فإغفال الابوين عن ملاحظة الاضطرابات التي يعاني منها الطفل أو يستهترون ببعض السلوكيات التي يرونها في الطفل، قد تزيد من حدة الاضطراب أو المرض النفسي و قد تترجم بعض هذه المراض النفسية للمرض الجسمي.العلامات النفسية : الشيء يتضح بضده
يمكن للآباء ملاحظة أي خلل قد يصيب الطفل من خلال بعض العلامات التي قد تعتبر من أعراض المرض النفسي و يجب التدخل لمساعدة الطفل.
التوتر و القلق و الخوف: هذه أبرز العلامات المرضية للطفل ولا نعني الشكل الطبعي الغريزي تجاه بعض المواقف التي تشعرنا جميعا بالقلق او التوتر أو الخوف بل نقصد أن يصبح من سمته القلق او التوتر او الخوف هنا يجب التركيز على الملاحظة الدقيقة او كما تسمى في علم النفس بالملاحظة الاكلينيكية، فإذا ما تبين شيء غير طبيعي وجب الاستشارة مع الأخصائيين النفسين .
المزاجية الشاذة :المزاجية تتسم بالبطء و التدرج لذلك يجب ملاحظة مزاج الطفل و تقلباته، فالتغير المزاجي العنيف أو الشاذ يعطي المؤشرات بأن هناك خلل ما(مثلا: البكاء بدون سبب/ الخوف بشكل فجائي/ طلب شيء ما بإلحاح ثم يعدل عنه بإلحاح....).
العنف الزائد: يعتبر العنف من العلامات الواضحة بأن الطفل يعاني من شيء ما، كما يسهل ملاحظة العنف الزائد عند الطفل، ولا نقصد المشاحنات الطفولية المعتادة، إنما نقصد تعمد إلحاق الأذى بغيره، كما يمكن ملاحظته من خلال الصوت الحاد و تعبيرات الوجه، فإذا ما تكرر العنف الزائد استوجب الرعاية و التدخل من خلال الاستشارة لتعديل السلوك.
الافراط في الحركة : نعلم بأن من خصائص الطفولة: الحركة و الرغبة في اللعب و اللهو، لكن الافراط في الحركة غير ذلك، فإذا ما كان الطفل يلعب مع أصدقائه او اخوانه فتوقفوا للراحة و هو لم يفعل او يبقى مستيقظا يجوب البيت بدون توقف، أو تشتكي منه المدرسة بكثرة الحركة ....، فهذا يعني غير طبيعي لما هم عليه الأطفال مثل عمره.
الخمول: فالخمول هو ضد الحركة فكما تم الحديث عن الافراط الحركي فإن الخمول لا يقصد به ميل بعض الأطفال للهدوء، و إنما يقصد به الكسل الشديد و الحركة المحسوبة و الخمول ليس من صفاة الطفل الطبيعي .
الكذب :يعتبر ممارسة الطفل للكذب من علامات الاضطراب النفسي و التي يستلزم التدخل، كما يجب هنا التفريق بين الكذب و الحكي الخيالي .
التراجع الدراسي: إن التغير المفاجئ في المستوى الدراسي للطفل ينذر بخلل ما و غالبا ما يكون التراجع في المستوى الدراسي مصحوب بعدم القدرة على التركيز و ضضعف في الذاكرة و يكون كثير التشتت الذهني.
العزلة والانطوائية: يجب معرفة سبب ميل الطفل للجلوس بمفرده و لا يحب المشاركة في اللعب او الجلسات مع أصدقائه و أخوته، و هل تتوقف مشاركته على الحدث أم الأفراد؟
فإذا كان سلوكه الدائم هو العزلة بغض النظر عن نوع اللعب و بغض النظر عن من يشاركونه، فتلك مشكلة، فالعزلة الاختيارية بالطبع هي اشارة للتدخل التربوي و الارشاد النفسي لمعرفة أصل المشكلة.
إيذاء الذات : مجرد المحاولة في ايذاء الذات يعد علامة واضحة على وجود خطب ما ، فلا أحد يؤذي نفسه إلا مضطرا، ولا يجب اعتبار الأمر بسيطا أو اعتبارها محاولة لجذب الانتباه، فإيذاء الذات من علامات الاضطراب النفسي و ينبغي التدخل بشكل سريع و استشارة أحد الأخصائيين لمعرفة الطريق الصحيحة للتدخل.
إذا فالجانب النفسي للطفل له دور و أهمية كبيرة في حياته و لها تأثير على جميج جوانب نموه.
الكاتب: يوسف أوطبي
تعليقات
إرسال تعليق